أخبار الفن

مولى الحيرة .. رواية تعكس واقع الجزائر بين الاستعمار و الاستقلال

متتالية سردية بعنوان “مولى الحيرة” صدرت مؤخرا عن دار مسكيلياني ضمن باقة” سرديات عربية” ، رواية للكاتب الجزائري إسماعيل يبرير في 424 صفحة من القطع المتوسط.

 
عن إسماعيل يبرير ، كاتب جزائري حقق شعبية واسعة عبر روايته  “وصية المعتوه، كتاب الموتى ضد الأحياء” التي فازت بجائزة الطيب صالح العالمية في الرواية، لكن اسمه كان متداولا قبل ذلك في الإعلام الجزائري، كيف لا و هو خريج المدرسة العليا للصحافة وعلوم الإعلام بالجزائر وحاصل على شهادة “ليسانس” صحافة من كلية العلوم السياسة والإعلام. 

روائي مسرحي محرّر و شاعرٌ له دواوين عدة و أستاذ بجامعة الجلفة بالجزائر ، حائز على جوائز دولية و محلية كثيرة .

 بكتابة محمومة وبحنين وشاعرية فياضة يحتفي الروائي إسماعيل يبرير  بذاكرة الأماكن وبالحب الذي ضاع من خلال لوحة جدرانية لحي شعبي قديم بمدينة الجلفة.

يستعيد يبرير في روايته حكايات من واقع بلده وثورة استقلاله الشهيرة ضد المستعمر الفرنسي، وتظل حيرة بطله الشاعر الحكاء “بشير الديلي” خير مثال عن الضياع الذي تعرض له الإنسان العربي بين مرحلتي الاستعمار والاستقلال.
فالديلي ابن شهيد لا يعرف قبر والده المجهول، يظل يحلم بكتابة قصيدته-حكايته المنشودة، ينتمي إلى اليسار فترة ثم يكتشف خيبته وتزداد من بعدها حيرته، يفقد بوصلته نحو ماضيه ومستقبله، فلا يستدل إلى قبر أبيه، كما لا يستطيع الاعتناء بابنه “مينا” كما يجب، فيكون ابنا لأب غائب مستحضر، وأبا غائبا لابن موجود يتجاهل حضوره زمنا.
يتقاطع هَم أبناء “الجلفة” وأساهم مع هموم الآخرين الذين حلموا -بعد التخلص من الاستعمار- ببناء دول حديثة، وبناء إنسان حداثي واثق من نفسه واستقلاله، يسعى لتكريس استقلال بلده وبنائه، لكن الفجيعة التي أنتجت سلسلة من الصدمات المتتالية اللاحقة تمثلت في الاعتراف الجلي بفشل الأنظمة -التي يفترض أنها وطنية- في بلورة أحلام الناس الذين ضحوا بالكثير من أجل رؤية بلدانهم حرة مستقلة.
يحضر مسعى مؤلف “ملائكة لافران” لتحويل روايته التي يلجأ إلى الترميز في جوانب منها، إلى مكاشفة لتاريخ الدولة الوطنية في الجزائر، ومحاولة الكشف عما تحمله الحكايات من تفاصيل حياتية وتاريخية وواقعية تتقاطع لتشكيل صورة البلد وحياة أبنائه.
يتجلى واضحا لكل قارئ  أن يبرير أراد في “مولى الحيرة” أن يكتب الإنسان، وينوه إلى إشاراته المتكررة إلى أن الإنسان العربي مهلهل الوجود، كلما اكتمل كموجود جاء ما يعصف به، وأنه عادة مستسلم ليقينيات يهدمها طفل بسؤاله، لهذا فإن رهانه كان مزدوجا على المكان والإنسان معا، فالرواية بوصفها جنسا أدبيا -في العالم- تعالج الإنسان، وهو ما قد يحولها إلى مجرد محاكاة في وضعنا.
يصف يبرير روايته بأنها ستة عقود من الزمن الجزائري، وهو زمن يتقاطع مع الكثير من الفضاءات الأخرى، رصد من خلال حي شعبي، حكاية شاعر لم يكتب قصيدته، يساري لم يعد ينتمي لأي جهة، ووطن في صورة الحي الذي تغير أكثر من مرة، بالإضافة إلى تفاصيل الموت المجاني والقتل والعذابات والفساد والإقصاء التي كابدتها الشخصيات على اعتبار أنهم يعيشون الزمن الجزائري.
بالإشارة إلى اشتغاله الفني في عمله يذكر يبرير أنه لم يستعد للبناء جيدا، لكنه عالجه بمقتضيات النص، لهذا فهو معد لقراء من مستويات تلقٍّ مختلفة، ويعتقد أن من قرأها يعرف أنها تقرأ على مراحل عبر تقسيمها، وليست الحكاية الرهان الوحيد، فهناك الوضع الذي يسود أغلب الدول العربية، الأسئلة السياسية التي تطل في كل مشهد، هناك البحث المكثف عن سبب للبقاء، عن الإنسان بداخلنا، عن سبب للخيانة والغدر، عن أسباب للحب؟
كما يلفت إلى وجود فوارق كبيرة في بناء الشخصيات، وأنه تعمد أن يحرس تلك الفوارق، لكنهم رغم ذلك يمضون جميعا نحو الحيرة، وتراه يعبر عن رغبته القوية في أنه أراد كتابة رواية ضد الزيف، أن يكتب رواية لا عالمية ولا متفوقة ولا مختلفة، تشبه الجزائري مكانا وإنسانا وزمانا.

مصر 365 على أخبار جوجل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى