أخبار مصر

الطيب: من يتحدث عن عدم وجود الله لا يصنف ضمن العقلاء

تحدث فضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب ، شيخ الأزهر الشريف ، في برنامجه « الإمام الطيب » ، المذاع على عدة فضائيات ، عن قضية إثبات وجود الله تعالى ، قائلا إن كثير من العلماء ، ذهبوا إلى أن قضية إثبات وجود المولى عز وجل ، لم تكن من أولويات القرآن الكريم ، لما تتمتع به هذه القضية ، من يسر وسهولة في إدراكها وإثباتها ، ولما تتميز به معرفة الله تعالى ، من حضور مستمر في وجدان الناس جميعًا ، وهو ما يعبر عنه أحيانًا ، بفطرية الشعور بوجود الله ، ويقولون : إن الآيات التي جاءت تتحدث عن وجود الله ، إنما جاءت لتثبت وحدانيته تعالى ، ونفي الشريك عنه .

وزاد فضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب ، قائلا : « قضية وجود الله تعالى ، رغم أنها تعد من أقرب القضايا إلى العقل والوجدان ، إلا أننا قد وجدنا في كل زمان ، من جحدوا الصانع المدبر العالم القادر ، وقد جاءت آيات القرآن الكريم ، لترد على هؤلاء جميعًا في كل زمان وكل مكان ، وكان معتمد آيات القرآن – في هذا المقام – ، هو بيان العناية والإبداع والحكمة في هذا العالم ، وفي نظمه وقوانينه ونواميسه ، وبيان عظمة الله وقدرته في كل مصنوعاته ، وأن كل ذلك إنما يستدعي خالقًا وصانعًا ومدبرًا » .

وأضاف شيخ الأزهر الشريف : « آيات القرآن الكريم ، تستوعب في إعجاز إلهي ، خلاصة الاستدلالات السابقة ، التي طول بها كل من أصحاب الفطرة والمتكلمين والفلاسفة ، حيث رد القرآن الكريم ، بضروريات فكرية على كل من انحرفت فطرته ، وذلك في آية قصيرة من آياته الكريمة : ( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون ) ، والجزء الأول من هذه الآية: ( أم خلقوا من غير شيء ) ، يقرر عن طريق الاستفهام الاستنكاري ، استحالة أن يجيء الوجود من العدم ، أما الجزء الثاني من الآية الكريمة : ( أم هم الخالقون ) ، فإنه يقرر – بطريق الاستفهام الاستنكاري – استحالة أن يخلق الشيء نفسه ، فلا يصح في منطق العقول ، أن يكون المخلوق خالقا ، ولا يصح أيضا ، أن يكون الخالق مخلوقا » .

وتابع فضيلة الإمام الأكبر : « رغم أن الكون يحتاج في وجوده إلى ( الخالق ) ، وأن عقول البسطاء فضلا عن عقول العلماء والفلاسفة والمفكرين – ، لا تصدق أبدًا أن يستغني العالم في إخراجه من العدم إلى الوجود ، عن سبب موجد ، إلا أن بعضًا ممن يوصفون بالعلم أو الفلسفة أو الفكر ، تستريح أذهانهم إلى مثل هذا التصور الشاذ ، بل هو تصور مستحيل ، ويقولون: إن هذا الكون لم يوجده موجد ، وإنما حل هكذا عن طريق الصدفة ، وحين يسألون عن كيفية حصول العالم عن طريق الصدفة ، يقولون إن ملايين الملايين من الذرات اللانهائية ، كانت تتحرك في فضاء لا نهائي ، وفي أزمنة سحيقة لا نهائية ، ولم تكن في تحركاتها تهدف لغاية معينة ، وإنما تتحرك حيثما اتفق وكيفما تيسر ، وفجأةً التحمت هذه الذرات بعضها ببعض ، فنتج عنها في بادئ الأمر ، كتلة ضخمة جدا ، وفي أثناء التحرك العشوائي لهذه الكتلة الهائلة ، حدث أن اصطدمت بالشمس ، وتفتتت إلى أجزاء كثيرة ، ومن هذه الأجزاء تكونت الأرض والأجرام والكواكب ، كما تشكلت المنظومة الشمسية التي نعرفها الآن » .

واستطرد الدكتور أحمد الطيب : « القائلون بمثل هذا الهذيان ، لا يصح أن نصنفهم في عداد العقلاء والعلماء ، المسؤولين عن حرمة التفكير وقيمة الكلمة ، ولذلك فإن الإمام أبو حنيفة ، حين ناظر بعض الملحدين ، قال لهم : ( ما تقولون في رجل يقول لكم إني رأيت سفينة مشحونة بالأحمال ، مملوءة من الأمتعة ، وقد احتوشتها في لجة البحر أمواج متلاطمة ، ورياح مختلفة ، وهي من بينها تجري مستوية ، ليس فيها ملاح يجريها ويقودها ويسوقها ، ولا متعهد يدفعها ، هل يجوز ذلك في العقل ؟ )، فقالوا ( لا ، هذا لا يقبله العقل ، ولا يجيزه الوهم ) ، فقال لهم أبوحنيفة ( فيا سبحان الله ، إذا لم يجز في العقل وجود سفينة ، تجري مستوية من غير متعهد ، فكيف يجوز أن تقوم الدنيا ، على اختلاف أحوالها وتغير أمورها ، وسعة أطرافها، وتباين أكنافها ، من غير صانع وحافظ ومحدث لها ؟ ) ، وهذا رد علمي من أبي حنيفة » .

واختتم شيخ الأزهر الشريف ، أن « بعض المفكرين المسلمين ، ردوا على من يقولون بالصدفة ، من خلال تقديمه دليلا رياضيا بحساب الاحتمالات ، وملخص هذا الدليل ، أنه مع تعدد الحالات الكثيرة جدا ، التي نرى فيها نظام ودقة ، وهي تتخطى مليارات المليارات ، فأنت أمام أمرين ، إما أن تفسرها بفاعل عالم قدير مريد ، يعلم الأمور وحكمتها وغاياتها ومقاصدها ، أو تفسرها بالصدفة ، ولو فسرتها بالصدفة ، فأنت مضطر مع كل مثال ، أن تفترض دفة جديدة ، وعندما تكثر الصدف في باب الاحتمالات ، فإن ذلك يضعفها » .

مصر 365 على أخبار جوجل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى