منوعات

حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان وكيفية إحيائها والأحاديث الواردة فيها

 
قال مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء ، الدكتور علي جمعة ، إن ليلة النصف من شعبان ليلة مباركة ، وقد ورد في ذكر فضلها أحاديث كثيرة يعضد بعضها بعضًا ، ويرفعها إلى درجة الحسن والقوة.
وعن حكم إحيائها ، قال مفتي الديار السابق ، إن الاهتمام بها وإحيائها من الدين ولا شك فيه ، وهذا بعد صرف النظر عما قد يكون ضعيفًا أو موضوعًا في فضل هذه الليلة ، كما عدّد الدكتور علي جمعة ، بعض الأحاديث الواردة في فضل ليلة النصف من شعبان وبينها حديث أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنه – قالت: فقدت النبي ﷺ ذات ليلة فخرجت أطلبه ، فإذا هو بالبقيع رافع رأسه إلى السماء ، فقال: “يا عائشة ، أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله! ” ، فقلت: وما بي ذلك ، ولكني ظننت أنك أتيت بعض نسائك ، فقال: “إن الله تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا ، فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب” (احمد و الترمذي).
وتابع الدكتور أحمد جمعة ، أنه عن معاذ بن جبل – رضي الله عنه – عن النبي ﷺ قال: “يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان ، فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن” (ابن ماجه والطبراني).
وزاد مفتي الديار السابق ، أنه عن علي بن أبي طالب – كرم الله وجهه – عن النبي ﷺ قال: “إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا يومها ، فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا ، فيقول: ألا من مستغفر فأغفر له؟ ، ألا مسترزق فأرزقه؟ ، ألا مبتلي فأعافيه؟ ، ألا كذا ألا كذا.. ؟ حتى يطلع الفجر” (ابن ماجه والطبراني).
وأوضح مفتي الجمهورية السابق ، أنه لا بأس بقراءة سورة يس ثلاث مرات ، عقب صلاة المغرب جهرًا في جماعة ، فإن ذلك داخل في الأمر بإحياء هذه الليلة ، وأمر الذكر على السعة ، إضافة إلى تخصيص بعض الأمكنة أو الأزمنة ببعض الأعمال الصالحة ، كما أن المداومة عليها أمر مشروع ، ما لم يعتقد فاعل ذلك أنه واجب شرعي يأثم تاركه ، فعن عبد الله بن عمر (رضي الله عنه) قال: “كان النبي ﷺ يأتي مسجد قباء كل سبت ماشيًا وراكبًا” (البخاري ومسلم).
واستطرد الدكتور علي جمعة ، قائلا إن الحافظ ابن حجر قال في [الفتح]: “وفي هذا الحديث على اختلاف طرقه دلالة على جواز تخصيص بعض الأيام ببعض الأعمال الصالحة والمداومة على ذلك” اهـ (فتح الباري).
وأضاف مفتي الجمهورية السابق ، أن الحافظ ابن رجب قال في [لطائف المعارف]: “واختلف علماء أهل الشام في صفة إحيائها على قولين: أحدهما: أنه يستحب إحياؤها جماعة في المساجد ، كان خالد بن معدان ، ولقمان بن عامر وغيرهما ، يلبسون فيها أحسن ثيابهم ويتبخرون ويكتحلون ، ويقومون في المسجد ليلتهم تلك ، ووافقهم إسحاق بن راهوية على ذلك ، وقال في قيامها في المسجد جماعة: ليس ذلك ببدعة ، نقله عن حرب الكرم في مسائله ، أما الثاني: أنه يكره الاجتماع فيها في المساجد للصلاة والقصص والدعاء ، ولا يكره أن يصلي الرجل فيها بخاصة نفسه ، وهذا قول الأوزاعي إمام أهل الشام وفقيههم وعالمهم. اهـ.
وعبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، كتب الدكتور علي جمعة ، أنه وعلى ذلك فإن إحياء ليلة النصف من شعبان على الصفة المذكورة ، هو أمر مشروع لا بدعة فيه ولا كراهة ، شريطة ألا يكون على جهة الإلزام والإيجاب ، فإن كان على سبيل إلزام الغير وتأثيم من لم يشارك فيه ، فإنه يصبح بدعة بإيجاب ما لم يوجبه الله ولا رسوله ﷺ ، وهذا هو المعنى الذي من أجله كره من كره من السلف إحياء هذه الليلة جماعة ، فإن انتفى الإيجاب فلا كراهة.
ولفت فضيلة مفتي الديار السابق ، إلى أن الاحتفال بالمناسبات الدينية المختلفة أمر مرغوب فيه ، ما لم تشتمل هذه الاحتفالات على ما ينهى عنه شرعًا ، حيث ورد الشرع الشريف بالأمر بالتذكير بأيام الله تعالى في قوله – عز وجل -: {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ} ، وجاءت السنة الشريفة بذلك ، ففي صحيح مسلم أن النبي ﷺ كان يصوم يوم الإثنين من كل أسبوع ، ويقول “ذاك يوم ولدت فيه” (مسلم).
واستشهد الدكتور علي جمعة ، بما ورد عن ابن عباس – رضي الله عنه – قال: إن رسول الله ﷺ قدم المدينة ، فوجد اليهود صيامًا يوم عاشوراء ، فقال لهم رسول الله ﷺ): “ما هذا اليوم الذي تصومونه؟” ، فقالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله عز وجل فيه موسى وقومه ، وغرق فيه فرعون وقومه ، فصامه موسى شكرًا ، فنحن نصومه ، فقال رسول الله ﷺ: “فنحن أحق وأولى بموسى منكم” ، فصامه رسول الله ﷺ ، وأمر بصيامه ، وعليه فإن الاحتفال بالمناسبات الدينية على الصورة المذكورة ، أمر مشروع لا كراهة فيه ولا ابتداع ، كما أنه من تعظيم شعائر الله تعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}.

مصر 365 على أخبار جوجل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى